في ظل التحول الاقتصادي والرقمي الذي تشهده المملكة العربية السعودية ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، أصبحت الأنظمة الضريبية والزكوية أكثر تنظيمًا ووضوحًا، وتزايد دور هيئة الزكاة والضريبة والجمارك في تنظيم العلاقة بين الدولة والمنشآت بمختلف أحجامها، ويعد الفحص الضريبي أحد أهم الأدوات التي تعتمدها الهيئة لضمان الامتثال، وتحقيق العدالة الضريبية، وحماية الاقتصاد الوطني من الممارسات غير النظامية، فكثير من المنشآت تشعر بالقلق عند تلقي إشعار الفحص الضريبي، إلا أن هذا القلق غالبًا ما يكون نتيجة نقص المعرفة بالإجراءات أو عدم الجاهزية في الواقع، الفحص الضريبي ليس إجراءً عقابيًا بالضرورة، بل عملية تنظيمية يمكن اجتيازها بسلاسة إذا تم الاستعداد لها بشكل صحيح.
ما هو الفحص الضريبي؟ ولماذا تقوم به هيئة الزكاة والضريبة والجمارك؟
الفحص الضريبي هو إجراء نظامي تقوم به هيئة الزكاة والضريبة والجمارك للتحقق من صحة ودقة الإقرارات الضريبية والزكوية التي تقدمها المنشآت، ومقارنتها بالسجلات المحاسبية والمستندات الداعمة، ويشمل الفحص التحقق من:
- صحة احتساب الضرائب.
- الالتزام بالأنظمة واللوائح.
- سلامة المعالجة المحاسبية.
- دقة البيانات المصرح بها.
أهداف الفحص الضريبي
الفحص الضريبي من قبل هيئة الزكاة والضريبة والجمارك ليس مجرد أداة للكشف عن المخالفات، بل يمتد ليشمل أهدافًا استراتيجية تهدف إلى تعزيز النظام المالي وضمان التزام المنشآت بالقوانين، ومن أهم هذه الأهداف:
- تشجيع المنشآت على الالتزام بالقوانين الضريبية طواعية، دون الحاجة لتدخلات صارمة، مما يقلل المخاطر القانونية ويعزز الانضباط المالي.
- يساعد الفحص على التأكد من أن جميع المنشآت تدفع الضرائب المستحقة وفق القانون، بما يحقق العدالة ويمنع التهرب الضريبي.
- من خلال مراجعة السجلات والدفاتر المالية، يضمن الفحص دقة البيانات المالية ويزيد من مصداقية التقارير المقدمة لأصحاب المصلحة والجهات الرقابية.
- يوفر الفحص فرصة للمنشآت لتصحيح أي أخطاء أو قصور في الإقرارات والعمليات المالية قبل أن تؤدي إلى مشاكل أكبر أو فرض غرامات.
- يساهم في ضمان تحصيل المستحقات الضريبية بشكل صحيح، بما يحمي الموارد المالية للدولة ويضمن استخدامها في خدمة المجتمع.
اقرأ أيضًا:- 3 علامات أن شركتك تحتاج تدقيقا ماليا
أنواع الفحص الضريبي في السعودية

معرفة نوع الفحص الضريبي تساعد المنشأة على تحديد مستوى الاستعداد المطلوب، وتشمل أنواع الفحص ما يلي:
- الفحص المكتبي: يتم دون زيارة مقر المنشأة، حيث تراجع الهيئة الإقرارات والمستندات المقدمة إلكترونيًا، وقد تطلب توضيحات أو وثائق إضافية عبر البوابة.
- الفحص الميداني: يتضمن زيارة فريق الفحص لمقر المنشأة للاطلاع على السجلات المحاسبية والأنظمة والفواتير والعقود، ويعد الأكثر شمولًا.
- الفحص الجزئي أو الموضوعي: يركز على بند محدد مثل:
- ضريبة القيمة المضافة.
- ضريبة الاستقطاع.
- نشاط معين أو فترة زمنية محددة.
لماذا يعد الاستعداد للفحص الضريبي أمرًا بالغ الأهمية؟
الاستعداد الجيد للفحص الضريبي يمنح المنشأة العديد من الفوائد، أهمها:
- تقليل احتمالية فرض الغرامات والعقوبات.
- تسريع عملية الفحص وإنهائها دون تعقيدات.
- بناء سمعة جيدة لدى الجهات الرقابية.
- اكتشاف الأخطاء مبكرًا ومعالجتها داخليًا.
- تحسين الحوكمة المالية والضريبية.
الخطوات العملية للاستعداد للفحص الضريبي
تنظيم السجلات المحاسبية بدقة
تعد السجلات المحاسبية حجر الأساس لأي فحص ضريبي، حيث يجب التأكد من أن
- الدفاتر منتظمة ومحدثة.
- القيود اليومية صحيحة ومكتملة.
- القوائم المالية تعكس الواقع المالي الحقيقي.
- البيانات متوافقة مع المعايير المحاسبية المعتمدة في السعودية.
مراجعة الإقرارات الضريبية السابقة
يجب إجراء مراجعة داخلية شاملة لجميع الإقرارات التي تم تقديمها، وخاصة:
- إقرارات ضريبة القيمة المضافة.
- إقرارات ضريبة الاستقطاع.
- إقرارات الزكاة وضريبة الدخل.
وينبغي التأكد من:
- تطابق الإقرارات مع السجلات.
- صحة نسب الضريبة المطبقة.
- إدراج جميع العمليات الخاضعة للضريبة.
التدقيق في الفواتير الضريبية
تركز هيئة الزكاة والضريبة والجمارك بشكل كبير على الفواتير، لذلك يجب التأكد من:
- استيفاء الفواتير لجميع البيانات الإلزامية.
- وضوح رقم التسجيل الضريبي.
- صحة تاريخ الإصدار.
- تصنيف الضريبة بشكل صحيح.
- كما يجب التحقق من فواتير المشتريات لضمان أحقية خصم ضريبة المدخلات.
تعرف أيضًا على:- أهم الأدوات التي يستخدمها المدقق المالي
الالتزام الكامل بالفوترة الإلكترونية
فقد أصبح نظام الفوترة الإلكترونية (فاتورة) عنصرًا أساسيًا في الفحص الضريبي، ويشمل:
- إصدار الفواتير إلكترونيًا.
- حفظها بصيغة معتمدة.
- الالتزام بمتطلبات الربط والتكامل.
- ضمان عدم التلاعب أو التعديل غير النظامي.
مراجعة العقود والاتفاقيات
العقود مع الموردين والعملاء تؤثر بشكل مباشر على المعالجة الضريبية، خاصة فيما يتعلق بـ:
- ضريبة الاستقطاع.
- مكان التوريد.
- طبيعة الخدمة أو السلعة.
تجهيز المستندات الداعمة
من الضروري تجهيز جميع المستندات التي قد تطلبها الهيئة، مثل:
- السجل التجاري.
- شهادة التسجيل الضريبي.
- كشوف الحسابات البنكية.
- عقود التوريد والخدمات.
- سجلات الرواتب.
- مستندات الاستيراد والتصدير.
دور الفريق المالي في نجاح الفحص الضريبي

وجود فريق مالي مؤهل ومدرّب يعد عنصرًا حاسمًا في اجتياز الفحص الضريبي، ويشمل ذلك:
- معرفة الأنظمة الضريبية
- القدرة على شرح العمليات المالية بوضوح.
- سرعة الاستجابة لطلبات الهيئة الالتزام بالمهنية والشفافية.
إليك أيضًا:- دورة عملية في اعداد القوائم المالية للشركات
الأخطاء الشائعة التي يجب تجنبها
هناك مجموعة من الأخطاء المتكررة التي قد تؤدي إلى ملاحظات من هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، أو فرض غرامات مالية على المنشآت، ومن أهم هذه الأخطاء:
- خصم ضريبة على عمليات غير مؤهلة أو غير مستوفاة للشروط القانونية قد يؤدي إلى تعديل الفواتير وتحميل المنشأة مبالغ إضافية.
- عدم الالتزام بالمواعيد المحددة لتقديم الإقرارات الضريبية يعرض المنشأة لغرامات مالية إضافية ويزيد من احتمالية التدقيق المكثف.
- فقدان الفواتير والسجلات المالية يمنع إثبات المعاملات بشكل قانوني، ما يعرض المنشأة للمساءلة أو رفض الخصومات الضريبية.
- التناقض بين ما هو مسجل في الإقرارات وما هو موجود في دفاتر الحسابات يثير شبهة عدم الامتثال ويؤدي إلى ملاحظات الفاحصين.
- تسجيل العمليات بشكل غير دقيق ضمن الفئات الضريبية المختلفة قد يؤدي إلى دفع ضرائب زائدة أو مخالفة الأنظمة.
- عدم تحديث البرامج المحاسبية أو القوائم المالية بما يتوافق مع التعديلات الضريبية الأخيرة يؤدي إلى أخطاء مستمرة وملاحظات أثناء الفحص.
كيفية التعامل أثناء الفحص الضريبي
أثناء إجراء الفحص الضريبي من قبل هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، من الضروري اتباع أسلوب منظم واحترافي لضمان سير العملية بسلاسة وتقليل أي مخاطر قانونية أو مالية، ومن أهم الخطوات التي ينصح بها:
- التعاون الكامل مع فريق الفحص: حيث يجب يجب تقديم كل المساعدة المطلوبة للفاحصين وعدم محاولة إخفاء أي معلومات ضرورية، التعاون يعكس الشفافية ويعزز الثقة بين المنشأة والجهات الضريبية.
- الالتزام بمواعيد تقديم المستندات والفواتير والسجلات المالية يساعد على إنجاز الفحص بسرعة ويقلل من احتمالية فرض غرامات أو تأجيلات.
- عند الإجابة على أسئلة الفاحصين، يجب تقديم معلومات دقيقة مدعومة بالمستندات، مع الحفاظ على هدوء الأعصاب لتجنب أي توتر قد يؤثر على سير الفحص.
- تجنب الإدلاء بتفاصيل غير مؤكدة أو غير موثقة، لأن ذلك قد يؤدي إلى نتائج سلبية أو مساءلة قانونية لاحقًا.
- الاحتفاظ بسجلات دقيقة لكل المراسلات والمستندات المقدمة أثناء الفحص يعد حماية للمنشأة ويسهل مراجعة أي معلومات لاحقًا إذا دعت الحاجة.
- الحفاظ على سلوك مهني ولبق أثناء التعامل مع الفاحصين يترك انطباعًا إيجابيًا، ويزيد من فرص إنهاء الفحص بسلاسة وبدون نزاعات.
أهمية الاستعانة بمستشار ضريبي

الاستعانة بمستشار ضريبي معتمد يمثل خطوة استراتيجية مهمة لأي منشأة، حيث يوفر خبرة متخصصة تساعد على إدارة الالتزامات الضريبية بكفاءة وتقليل المخاطر المالية والقانونية، ومن أبرز المزايا التي توفرها هذه الاستشارة:
- تقييم المخاطر الضريبية: حيث يقوم المستشار بتحليل العمليات المالية والضريبية للمنشأة لتحديد نقاط الضعف والمخاطر المحتملة، ما يتيح اتخاذ إجراءات وقائية قبل وقوع أي مشاكل.
- يساعد المستشار في التدقيق في الإقرارات الضريبية والتأكد من دقتها واكتمالها، مما يقلل فرص اكتشاف أخطاء أثناء الفحص.
- عند وجود أخطاء أو ملاحظات، يقترح المستشار إجراءات تصحيحية لحل المشكلات الضريبية بشكل نظامي وسريع.
- يملك المستشار الخبرة القانونية اللازمة لتمثيل المنشأة أمام هيئة الزكاة والضريبة والجمارك أثناء الفحص أو أي إجراءات رسمية أخرى.
- يمكن للمستشار تقديم الاعتراضات النظامية على القرارات الضريبية إذا دعت الحاجة، بما يضمن حقوق المنشأة ويحميها من الغرامات أو التقييمات غير الدقيقة.
شاهد أيضًا:- التدقيق الخارجي و المراجعة الخارجية
ما بعد الفحص الضريبي
بعد انتهاء الفحص الضريبي من قبل هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، قد تصدر هيئة الزكاة والضريبة والجمارك أحد القرارات التالية:
- في هذه الحالة يعتبر الفحص ناجحًا، ولا توجد فروقات ضريبية مستحقة، ويستكمل الالتزام الضريبي بشكل طبيعي.
- إذا تبين وجود اختلافات بين الإقرارات والمستندات المدققة، تطلب الهيئة سداد المبالغ المستحقة وفق القانون.
- قد تفرض غرامات مالية في حال وجود مخالفات أو تأخير في تقديم المستندات، حسب ما يحدده النظام الضريبي.
خطوات هامة بعد الفحص الضريبي
- يجب دراسة تقرير فحص هيئة الزكاة والضريبة والجمارك والتأكد من دقة النتائج والملاحظات الواردة فيه لتجنب أي أخطاء مستقبلية.
- في حال صدور قرار بدفع فروقات أو غرامات، يجب الالتزام بالمواعيد المحددة لتجنب زيادات أو إجراءات قانونية إضافية.
- إذا اعتبرت المنشأة أن هناك أخطاء أو تجاوزات في تقرير الفحص، يمكن تقديم اعتراض رسمي وفق الإجراءات النظامية المقررة.
- تعد الملاحظات الواردة من الفاحصين مصدرًا مهمًا لتحسين الأنظمة الداخلية، وتجنب الوقوع في المخالفات ذاتها في الفحص القادم.
الفحص الضريبي كفرصة لتحسين الأداء
على الرغم من النظرة الشائعة التي تعتبر الفحص الضريبي مجرد عملية رقابية، فإنه يمكن أن يتحول إلى فرصة استراتيجية لتعزيز أداء المنشأة وتحسين عملياتها المالية والإدارية، ومن أبرز الفوائد التي يمكن الاستفادة منها:
- يكشف الفحص من هيئة الزكاة والضريبة والجمارك عن نقاط الضعف والثغرات في الإجراءات المالية والمحاسبية، وهذا يمكن المنشأة من تطوير أنظمة أكثر دقة وفاعلية، وتقليل الأخطاء المستقبلية.
- يساعد مراجعة العمليات المالية أثناء فحص هيئة الزكاة والضريبة والجمارك على تنظيم السجلات وتحليل البيانات بدقة، ما يعزز قدرة الإدارة على اتخاذ قرارات مالية سليمة ومدروسة.
- يضمن الفحص من قبل هيئة الزكاة والضريبة والجمارك الالتزام باللوائح والقوانين الضريبية المعمول بها، ما يقلل من المخاطر القانونية والغرامات المحتملة.
- من خلال تحسين الرقابة الداخلية والالتزام بالقوانين، تزداد ثقة المستثمرين والشركاء بالمنشأة، وهذا ما يعزز استقرارها ونموها على المدى الطويل.
- المنشآت التي تتعامل مع فحص هيئة الزكاة والضريبة والجمارك بروح تطويرية، مستفيدة من ملاحظاته لتحسين الأداء المستمر، غالبًا ما تحقق نتائج أفضل مقارنة بالتي تعتبره مجرد إجراء روتيني أو عقابي.
نختم بإن الاستعداد للفحص الضريبي من هيئة الزكاة والضريبة والجمارك لم يعد مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجية لكل منشأة تعمل في المملكة العربية السعودية، فمع ازدياد الرقابة الرقمية وتكامل الأنظمة، أصبح الامتثال الضريبي عنصرًا أساسيًا في نجاح واستمرارية الأعمال، ومن خلال التنظيم الجيد للسجلات، والمراجعة الدورية للإقرارات، والالتزام بالفوترة الإلكترونية، والاستعانة بالخبرات المتخصصة، يمكن للمنشآت اجتياز الفحص الضريبي من قبل هيئة الزكاة والضريبة والجمارك بثقة واحترافية، وتحويله من مصدر قلق إلى أداة لتحسين الأداء المالي والإداري وبناء مستقبل أكثر استقرارًا ونموًا.
يمكنكم متابعة شركة السلمي محاسبون على:-
