تعد المحاسبة من الدعائم الأساسية التي تعتمد عليها المنشآت في تنظيم أعمالها المالية واتخاذ قراراتها الإدارية والاقتصادية، لما لها من دور محوري في توثيق العمليات المالية وتحليل النتائج وعرض البيانات بدقة وشفافية، ومع تطور الأنشطة الاقتصادية في المملكة العربية السعودية، وتوسع البيئة الاستثمارية، وتعدد الأنظمة واللوائح المنظمة للأعمال، برزت الحاجة إلى التمييز بين فروع المحاسبة المختلفة، وعلى رأسها المحاسبة المالية والمحاسبة الضريبية، ومن هنا تنبع أهمية توضيح الفرق بين المحاسبة المالية والمحاسبة الضريبية في السعودية، حيث يساهم الفهم الصحيح لكل منهما في تحقيق الامتثال النظامي، وتجنب المخالفات والعقوبات، وتعزيز كفاءة التخطيط المالي والضريبي للمنشآت، بما ينعكس إيجابًا على استدامة الأعمال ودعم النمو الاقتصادي.
الفرق بين المحاسبة المالية والمحاسبة الضريبية في السعودية؟
تعد المحاسبة المالية والمحاسبة الضريبية من الفروع المحورية لعلم المحاسبة، ويؤدي كل منهما دورًا مختلفًا من حيث الهدف والمنهج وأسس القياس والمعالجة، فبينما تركز المحاسبة المالية على عرض الأداء المالي الحقيقي للمنشأة، تهدف المحاسبة الضريبية إلى تحديد الوعاء الضريبي وفقًا للتشريعات السارية.
المحاسبة المالية
تهدف المحاسبة المالية إلى تسجيل وإثبات جميع العمليات المالية التي تقوم بها المنشأة استنادًا إلى المبادئ والمعايير المحاسبية المعتمدة، مثل مبدأ الاستحقاق ومبدأ الحيطة والحذر، حيث تسعى إلى الوصول إلى نتيجة أعمال المشروع من ربح أو خسارة، وإعداد القوائم المالية الأساسية، وعلى رأسها قائمة الدخل وقائمة المركز المالي، بما يعكس الوضع المالي الفعلي للمنشأة في نهاية الفترة المالية، ويخدم مستخدمي القوائم المالية مثل المستثمرين، والدائنين والإدارة.
المحاسبة الضريبية
أما المحاسبة الضريبية فتهدف بالدرجة الأولى إلى تحديد صافي الربح الخاضع للضريبة، وتبدأ عملها من حيث تنتهي المحاسبة المالية، حيث يتم إجراء مجموعة من التعديلات على صافي الربح المحاسبي ليصبح متوافقًا مع أحكام القوانين واللوائح الضريبية.
اقرأ أيضًا:- مسك الدفاتر + المحاسبة من الصفر
الاختلاف الجوهري بين المحاسبة المالية والضريبية

ويكمن الاختلاف الجوهري بين النوعين في مفهوم الدخل الخاضع للضريبة، إذ لا تعترف المحاسبة الضريبية بجميع البنود التي تقبلها المحاسبة المالية،
فعلى سبيل المثال لا تأخذ المحاسبة الضريبية بالمصروفات غير المؤيدة بمستندات رسمية أو تلك التي لا ترتبط مباشرة بنشاط المنشأة، كما تقوم برد المخصصات المختلفة إلى الوعاء الضريبي، كذلك لا تعترف إلا بمعدلات الإهلاك المحددة قانونًا، ولا تقبل معدلات الإهلاك المحاسبية حتى وإن كانت متوافقة مع المعايير الدولية.
كما تختلف المعالجة الضريبية عن المحاسبية في عدة جوانب أخرى، إذ لا تعترف مصلحة الضرائب بخسائر فروق العملة غير المحققة، ولا بانخفاض قيمة العملة، ولا بخسائر إعادة تقييم الاستثمارات غير المقيدة في سوق الأوراق المالية، وتقوم بإضافتها مرة أخرى إلى الوعاء الخاضع للضريبة.
كذلك لا يعتد بخسائر بيع الأصول في بعض الحالات وفقًا للقانون، ولا بمخصصات الخسائر المتوقعة، باعتبارها بنودًا تقديرية لا تستوفي شروط الخصم الضريبي.
وبذلك يمكن القول إن المحاسبة المالية تهدف إلى تقديم صورة عادلة وموضوعية عن الأداء المالي والمركز المالي للمنشأة وفقًا للمعايير المحاسبية، في حين أن المحاسبة الضريبية تهدف إلى تحصيل الضريبة المستحقة للدولة وفقًا للنصوص القانونية، حتى وإن أدى ذلك إلى اختلاف جوهري في النتائج النهائية بين الربح المحاسبي والربح الخاضع للضريبة.
ويعد فهم هذا الاختلاف أمرًا ضروريًا للمحاسبين والمكلفين على حد سواء لضمان الامتثال الضريبي السليم واتخاذ القرارات المالية الصحيحة.
ما هو الفرق الجوهري بين الربح المحاسبي والربح الضريبي؟
تكمن الفروق الجوهرية بين الربح المحاسبي والربح الضريبي في اختلاف الأسس التي يعتمد عليها كل منهما في الاعتراف بالإيرادات والمصروفات، ويمكن توضيح هذه الفروق على النحو الآتي:
المخصصات
وفقًا للمبادئ المحاسبية، وبخاصةً مبدأ مقابلة المصروفات بالإيرادات، يتم تقدير جميع المصروفات المرتبطة بإيرادات الفترة المالية وتحميلها على نفس الفترة، ويعد من أكثر المخصصات شيوعًا مخصص تعويض العمال ومخصص الديون المعدومة.
أما من منظور ضريبة الدخل، فلا يتم الاعتراف بالمصروفات التي يتم تحميلها عن طريق المخصصات إلا عند تحققها فعليًا وفقًا لنصوص القانون، فعلى سبيل المثال لا يعترف بمصروف مكافأة نهاية الخدمة إلا عند انتهاء علاقة العمل، كما لا تقبل الديون المعدومة إلا بعد تحققها واستيفائها الشروط القانونية المنصوص عليها.
الاستهلاكات
في المحاسبة المالية، يتم احتساب الاستهلاك باستخدام الطريقة التي تعكس بصورة عادلة توزيع تكلفة الأصل الثابت على سنوات عمره الإنتاجي، مع السماح باستخدام طرق متعددة وفقًا للمعايير المحاسبية.
في المقابل، يلتزم قانون ضريبة الدخل بطريقة محددة لحساب الاستهلاك، وغالبًا ما تكون طريقة القسط الثابت، وبنسب يحددها القانون أو التعليمات التنفيذية، دون الاعتداد بالطرق أو النسب المحاسبية الأخرى.
تعرف على:- دورة المحاسبة من الصفر تحت إشراف مكتب السلمي
نفقات البحث والتطوير
تعترف المحاسبة المالية بنفقات البحث والتطوير إما كمصروفات للفترة أو كأصول يتم توزيع تكلفتها على فترات مستقبلية، ولا يزال الجدل قائمًا في الأدبيات المحاسبية حول أفضل أسلوب لمعالجتها.
أما في المحاسبة الضريبية، فيتم تقسيم هذه النفقات إلى أنواع محددة، ويسمح بخصمها في حدود نسب ومبالغ معينة نص عليها قانون ضريبة الدخل.
تقييد بعض المصروفات بشروط قانونية
يفرض قانون ضريبة الدخل قيودًا خاصة على بعض المصروفات مثل التبرعات ونفقات الضيافة، حيث لا يتم قبولها ضريبيًا إلا ضمن شروط وحدود معينة، في حين قد تعترف بها محاسبيًا بالكامل.
الخسائر المرحلة
في المحاسبة المالية، يتم ترحيل الخسائر من السنوات السابقة دون تحديد فترة زمنية طالما استمرت المنشأة في تحقيق خسائر.
بينما يحدد قانون ضريبة الدخل مدة زمنية قصوى يسمح خلالها بترحيل الخسائر وخصمها من الأرباح المستقبلية.
التوثيق
قد يختلف التوثيق المقبول محاسبيًا عن متطلبات التوثيق الضريبي، مما يؤدي إلى عدم الاعتراف ببعض المصروفات في الحساب الضريبي رغم الاعتراف بها محاسبيًا.
المصروفات المختلطة
تشمل بعض المصروفات جانبًا شخصيًا وآخر مرتبطًا بنشاط المنشأة، وفي هذه الحالة يتم تحميل الجزء الشخصي على الأرباح وإضافته إلى الوعاء الضريبي، رغم الاعتراف بالمصروف كاملًا في المحاسبة المالية.
تصنيف الفروقات بين الربح المحاسبي والربح الضريبي

يمكن تقسيم الفروقات بين الربح المحاسبي والربح الضريبي إلى نوعين رئيسيين:
فروقات دائمة (نهائية)
وهي فروقات تنشأ نتيجة إيرادات معفاة ضريبيًا أو مصروفات غير معترف بها ضريبيًا بشكل نهائي، ويقتصر أثرها على الفترة المالية الحالية دون أن يكون لها تأثير على الفترات اللاحقة.
فروقات مؤقتة (فروق توقيت)
تنشأ هذه الفروقات عندما يتفق كل من النظامين المحاسبي والضريبي على الاعتراف بالمصروف أو الإيراد، لكن يختلفان في توقيت الاعتراف به، مثل الاستهلاكات، ومكافأة نهاية الخدمة، والديون المعدومة.
وقد يترتب على هذا النوع من الفروقات نشوء أصل ضريبي مؤجل أو التزام ضريبي مؤجل، يتم إثباته ضمن بنود قائمة المركز المالي.
بهذا يتضح أن الاختلاف بين الربح المحاسبي والربح الضريبي ليس اختلافًا في الهدف فقط، بل في الأسس والمعايير القانونية والمحاسبية التي تحكم الاعتراف والقياس، وهو ما يستلزم فهمًا دقيقًا لضمان الالتزام الضريبي السليم والإفصاح المالي الصحيح.
إليك أيضًا:- المحاسبة ودورها الحيوي في إدارة الأعمال
الفرق بين المحاسب المالي والمحاسب الضريبي
يعد فهم الفرق بين المحاسب المالي والمحاسب الضريبي أمرًا أساسيًا لفهم طبيعة العمل المحاسبي داخل أي منشأة، حيث يضطلع كل منهما بدور مختلف يكمل الآخر، نوضح ذلك فيما يلي:
المحاسب المالي
هو المسئول الأول عن تسجيل ومعالجة العمليات المالية اليومية التي تحدث داخل المنشأة، حيث يقوم بإثبات القيود اليومية استنادًا إلى المستندات والفواتير الرسمية، ثم ترحيلها إلى دفاتر الأستاذ وفقًا للأصول والمعايير المحاسبية المعتمدة.
كما يتولى إعداد القوائم المالية الأساسية، مثل قائمة الدخل وقائمة المركز المالي وقائمة التدفقات النقدية، ذلك بهدف إظهار النتائج الفعلية لأعمال المنشأة والمركز المالي الحقيقي لها، بما يخدم الإدارة وأصحاب المصالح في اتخاذ القرارات المالية السليمة.
المحاسب الضريبي
أما المحاسب الضريبي، فيختص بتطبيق قوانين وتشريعات الضرائب المعمول بها، ويعمل على احتساب الضريبة المستحقة بدقة وفقًا للنصوص القانونية، سواء كانت ضريبة على الأرباح الفعلية أو على مبيعات السلع والخدمات مثل ضريبة القيمة المضافة.
ويبدأ عمله عادةً من البيانات التي أعدها المحاسب المالي، ليجري عليها التعديلات اللازمة وفق القوانين الضريبية، ويقوم بإعداد الإقرارات الضريبية والتعامل مع الجهات الضريبية المختصة، بما يضمن التزام المنشأة بالقوانين وتجنب المخالفات أو الغرامات.
أنواع المحاسبة المالية والضريبة في السعودية

فيما يلي أنواع المحاسبة المالية وأنواع المحاسبة الضريبية موضحة بشكل منظم وواضح:
أنواع المحاسبة المالية
تركز المحاسبة المالية على تسجيل وعرض المعلومات المالية بهدف إعداد القوائم والتقارير التي تخدم مختلف الأطراف ذات العلاقة، وتنقسم إلى عدة أنواع، من أبرزها:
محاسبة التكاليف
تهتم بتحديد تكاليف الإنتاج أو الخدمات، وتحليل عناصر التكلفة، بهدف تسعير المنتجات وترشيد النفقات وتحسين الكفاءة التشغيلية.
المحاسبة الإدارية
تعنى بتوفير معلومات مالية داخلية تساعد الإدارة في التخطيط واتخاذ القرار والرقابة على الأداء.
المحاسبة الحكومية
تختص بتسجيل العمليات المالية للجهات الحكومية وفق أنظمة ولوائح خاصة، وتهدف إلى تحقيق الرقابة والشفافية في استخدام المال العام.
محاسبة الشركات
تركز على المعاملات المالية للشركات وإعداد القوائم المالية مثل الميزانية وقائمة الدخل والتدفقات النقدية، وذلك بهدف عرض المركز المالي الحقيقي للشركة وقياس أدائها المالي خلال فترة زمنية محددة، بما يساعد الإدارة والمستثمرين والجهات الرقابية على اتخاذ قرارات مالية سليمة.
المحاسبة الدولية
تعتمد على المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية (IFRS) وتستخدم في الشركات متعددة الجنسيات.
للمزيد حول:- البرامج المحاسبية (ERP Systems)
أنواع المحاسبة الضريبية
تهدف المحاسبة الضريبية إلى احتساب الضرائب والزكاة والالتزام بالأنظمة الضريبية المعمول بها، وتشمل عدة أنواع، من أهمها:
محاسبة ضريبة الدخل
تختص بحساب ضريبة الدخل على الأفراد أو الشركات وفق القوانين الضريبية المعتمدة.
محاسبة ضريبة القيمة المضافة (VAT)
تهتم بتسجيل ضريبة القيمة المضافة على المبيعات والمشتريات وتقديم الإقرارات الضريبية الدورية.
محاسبة الزكاة
تعنى بحساب الوعاء الزكوي للشركات الخاضعة للزكاة وفق الأنظمة المعمول بها، كما تساعد المحاسبة الإدارية في تحليل البيانات المالية والتشغيلية، وتقديم تقارير دورية حول الأداء مقارنة بالأهداف المحددة، مما يمكن الإدارة من تحسين الكفاءة، وتقليل التكاليف، وتعظيم الأرباح.
المحاسبة الضريبية الدولية
تختص بالمعاملات العابرة للحدود والضرائب الدولية، مثل الازدواج الضريبي واتفاقيات منع الازدواج، وتهدف المحاسبة الضريبية الدولية إلى ضمان الامتثال للقوانين الضريبية في أكثر من دولة، وتقديم التوجيه للشركات متعددة الجنسيات لتقليل المخاطر الضريبية، والاستفادة من الاتفاقيات الدولية لتجنب الازدواج الضريبي.
محاسبة الامتثال الضريبي
تركز على الالتزام بالأنظمة والتعليمات الضريبية وتقديم الإقرارات في مواعيدها لتجنب الغرامات.
وفي الختام، يتضح أن المحاسبة المالية والمحاسبة الضريبية في السعودية رغم تكاملهما داخل المنشأة، إلا أن لكل منهما أهدافه ومعاييره واستخداماته الخاصة، فالمحاسبة المالية تعنى بتقديم صورة عادلة عن الأداء المالي، في حين تضمن المحاسبة الضريبية الامتثال للأنظمة والتعليمات الصادرة عن الجهات المختصة، ويساهم الفهم الصحيح للفروق بينهما في تعزيز كفاءة الإدارة المالية، وتجنب المخاطر القانونية، وتحقيق الاستقرار المالي للمنشآت.
يمكنكم متابعة شركة السلمي محاسبون على:-
